القاهرة - أميرة فودة
أثار مسلسل "ناصر" الذى يروى قصة حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر غضب جماعة الإخوان المسلمين بمصر، لما اعتبرته تشويها لصورتها، وطمسا لدورها التاريخي في حقبة الأربعينات والخمسينات.
وذكر نجل مؤسس الجماعة أحمد سيف الإسلام البنا لـ"العربية.نت" أن المسلسل أكبر خدعة للمشاهد المصري والعربي. وقال إنه "اعتمد على التضليل في ذكر كافة الروايات الوقائع، متجاهلا عن عمد دور الإخوان التاريخي وإنجازاتهم في حرب فلسطين".
وأضاف أن "الاخوان لم يتهربوا من المواجهة وقد شهد بذلك جمال عبد الناصر نفسه الذى كان عضوا بجماعة الإخوان المسلمين وقتها، وكان يعرف كيف وأين تم تدريبهم، ومن أين حصلوا على السلاح اللازم للمقاومة، كما كان يعرف دورهم فى مواجهة الاحتلال الإنكليزى".
وقال سيف الإسلام حسن البنا "إن المسلسل صور عبد الناصر على إنه قام بكل الإنجازات منفردا، واعتبره الكاتب بطل الثورة الأوحد متناسيا دور زملائه ودور الضباط الأحرار من الإخوان المسلمين – أصل الثورة- لصالح شخص عبد الناصر فقط".
واستطرد: "اسألوا اساتذة التاريخ والباحثين عن دور الإخوان، اسألوهم من أبطال الثورة الحقيقيين، ومن الذين دفعوا أرواحهم وضحوا بأنفسهم فى حرب فلسطين. اسألوا المؤرخين المحترمين عن دور الإخوان المسلمين الفدائي في فلسطين".
ويعتبر الإخوان أن أوخر حقبة الأربعينات وتحديدا فترة حرب فلسطين من أهم الفترات التى مارست فيها الجماعة دورا جهاديا، وهو ما انكره مسلسل "ناصر" تماما حيث تحدث عن هروبهم من مواجهة حرب فلسطين، ورفضهم الانضمام إلى المقاومة الفدائية في قناة السويس، كما صور الإخوان على إنهم نفعيون.
ويذاع المسلسل حاليا على عدد من القنوات الفضائية خلال شهر رمضان الذى يتمتع بكثافة مشاهدة عالية، وهو ما اعتبره الاخوان نوعا من تعمد إختيار هذا التوقيت تحديدا لتأجيج مشاعر الناس ضدهم.
تشويه لصورة الإخوان
المؤلف صور رموز الجماعة على أنهم يقدمون المنافع الشخصية على المنفعة العامة، وأظهرهم بمظهر المتزمتين قليلي الذوق صعاب المراس ضعيفي الرؤية السياسية وحادي الطباع
العريان
من جهته، قال القيادى البارز بجماعة الإخوان المسلمين د.عصام العريان إن المسلسل يتضمن العديد من الأخطاء والمغالطات التاريخية، وقال إنها ليست محل استغراب نظرا للتوجهات الناصرية للمؤلف يسري الجندي، والتي ظهر منها أنه يحاول توسيع رقعة الفرقة والبعد بين التيارات المختلفة خاصةً بين الأجيال الجديدة.
وأضاف أنه تعمد تشويه صورة الإخوان الحقيقية وطمس دورهم التاريخى، مدللا على ذلك بإغفال المسلسل دور الإخوان فى كتائب المتطوعين فى حرب فلسطين.
وأبدى العريان استغرابه من تشبيه علاقة الإخوان بالقصر بأنها كانت علاقة مهادنة ومؤامرة ضد الحركة الوطنية وضد حزب الوفد، بالإضافة إلى أن المسلسل تعمد تصوير الجماعة على أنها لم تشارك في معارك القنال التي كان يقوم بها الفدائيون المصريون ضد المحتل، وهو ما أكدته وثائق السفارة الانكليزية في القاهرة.
كما استنكر العريان موقف المؤلف من رموز الجماعة وتصويرهم على أنهم يقدمون المنافع الشخصية على المنفعة العامة، وأظهرهم بمظهر المتزمتين قليلي الذوق صعاب المراس ضعيفي الرؤية السياسية وحادي الطباع.
الجندي: اعتمدت على المستندات والوقائع التاريخية
لم أكتب أيا من الوقائع فى المسلسل من وحي خيالي وأنما من واقع المستندات والوثائق التاريخية وكل كلمة كتبتها لها عندي ألف دليل
الجندي
إلا أن كاتب المسلسل يسري الجندي قال لـ"العربية.نت " إنه اعتمد على المستندات والوقائع التاريخية الثابتة"، ونفى وجود أي مصلحة لتشويه صورة أي طرف من الأطراف، خاصة أنه عاصر تلك الحقبة الزمنية، وعاصر الثورة وعبد الناصر والسادات، مشيرا إلى أنه يرفض التشكيك في وقائع المسلسل.
وأضاف "لم أكتب أيا من الوقائع فى المسلسل من وحي خيالي وإنما من واقع المستندات والوثائق التاريخية" مشيرا إلى أنه استعان باثنين من أكبر المؤرخين، وهما د.يونان لبيب رزق رحمه الله، حيث كان متابعا لتأريخ المسلسل من لحظته الاولى وقرأه كاملا قبل وفاته، ولم يبد فيه أى ملاحظات حول أخطاء تاريخية، ثم تولى متابعة المسلسل من بعده د.كمال شقره وهو رجل نزيه وخبرته التاريخية لا جدال عليها.
ورفض الجندي القول بانتمائه للتيار الناصرى قائلا: "أرفض أن أكون محسوبا على أى اتجاه سياسي أو حزبي، فأنا كاتب حر، وبدأت الكتابة التاريخية منذ بداية الثمانينيات، ولم اكتب عملا تاريخيا لمجاملة أي تيار أو محاولة لتجميل لأي شخص".
وتابع: "رغم احترامي وتقديري للدكتور عصام العريان إلا أنني لا أوافقه فيما قال، وأطالب الجميع بالحكم على المسلسل بعد اكتمال حلقاته فربما تحمل الحلقات القادمة ما هو أسوأ أو افضل من ذلك، ومن ثم فإنني على اتم استعداد بعد اتمام عرض المسلسل لأي مناقشة موضوعية تكون الوثائق أساسها وركيزتها".
وأضاف الجندي: "لن أدخل الآن في معارك جدلية سواء مع الإخوان أو غيرهم، وليقولوا ما يشاؤون، بشرط أن يدعموا انتقادهم بأسانيد واضحة وموثقة تاريخيا لأن كل واقعة وكل كلمة كتبتها لها عندي ألف دليل".
واختتم كاتب المسلسل دفاعه قائلا: طلقد إتهمني الكثيرين قبل عرض المسلسل بأنني سوف أظلم محمد نجيب كما ظلمه التاريخ، ولكنني لم افعل ذلك بل اشرت لدوره بصدق وحياد، كما أشرت إلى دور الإخوان في حرب فلسطين وفي الثورة".