الرباط- حسن الأشرف
أكد بيان المجلس العلمي الأعلى (أعلى هيئة علمية بالمغرب) أن الفتوى التي صدرت قبل أسابيع قليلة بخصوص جواز تزويج البنت الصغيرة ذات التسعة أعوام، لا تصدر إلا من" فتان ضال مضل؛ ومن ثم لا يلتفت إليه ولا يتنبه إلى رأيه". وفيما لم يشر البيان إلى أسماء علماء، إلا أنه وصف صاحب الفتوى بأنه "شخص معروف بالشغب والتشويش على ثوابت الأمة ومذهبها". ويذكر أن مصدر الفتوى هو الشيخ محمد المغراوي، أبرز رموز السلفية بالبلاد.
إلى ذلك، ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أنها علمت من مصدر قضائي انه على إثر البلاغ الصادر عن المجلس العلمي الأعلى للمملكة المغربية حول ما نشرته وسائل الإعلام عن فتوى المغراوي المثيرة للجدل، فقد أصدر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أمرا إلى الضابطة القضائية المختصة بفتح بحث دقيق في موضوع الفتوى.
"فتان ضال مضل"
وأكد المجلس العلمي الأعلى في بيانه الصادر يوم 20-9-2008 على أن فتوى إباحة زواج البنت الصغيرة ذات التسعة أعوام استدل بها المغراوي بتقديراته الخاصة، و"لكنه أراد أن ينتصر لرأيه بذكر زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنوات".
وندد المجلس بـ"استعمال الدين في مثل هذه الآراء الشاذة المنكرة"، معتبرا أن الفتوى لا تصدر إلا من المجلس ولا تصدر عن الأشخاص علماء كانوا أو دعاة أو وعاظا، وقال في بيانه: "الفتوى المعتبرة في شؤون الدين بالمملكة المغربية لا تصدر عن الأشخاص وإنما تصدر عن المجلس العلمي الأعلى".
واسترسل بيان المجلس العلمي الأعلى في توضيح ما استند إليه المغراوي في فتواه التي أباح فيها زواج الفتاة الصغيرة، بالقول إن الأحاديث المستند إليها في حالة زواج النبي صلى الله عليه وسلم تتحدث عن سن العقد وتتحدث عن سن الزواج بعد العقد بعدة سنين"، مردفا أنه في هذه الحالة "لم يجز أحد من علماء السلف القياس عليها واعتبروها مما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم".
ولم يفت المجلس العلمي الأعلى التشديد على أن قوانين مدونة الأسرة الجديدة هي التي يُرجع إليها وهي المحددة لسقف سن الزواج بالمغرب، حيث أشار البيان إلى أن "النظام المعمول به في المملكة المغربية فيما يتعلق بالسن الشرعي بالزواج حاليا يستند إلى قانون صادقت عليه الأمة بجميع مكوناتها وشارك العلماء في صياغته"، مضيفا أنه لا يصدر التشويش عليه (أي مدونة الأسرة) إلا من فتان ضال مضل، ومن ثم لا يلتفت إليه ولا يتنبه إلى رأيه".
تشجيع على الانحراف
وحول هذه الفتوى، علقت نبيلة التبر، مديرة المؤسسة الوطنية للتضامن مع النساء في وضعية صعبة (المعروفة بجمعية إنصاف)، في حديث للعربية.نت،قائلة إنها تستغرب صدور مثل هذه الفتوى من الشيخ المغراوي، معتبرة أنها تشجع على الانحراف الجنسي المَرَضي متمثلا في انجذاب البالغين جنسيا نحو الأطفال ذكورا وإناثا.
وقالت التبر إن مؤسستها بصفتها جمعية فاعلة في مجال دعم النساء ساهمت بشكل كبير في إيجاد مدونة الأسرة الجديدة التي تنص على رفع الزواج إلى سن الثامنة عشر، لأنه قبل سن 18 لا تكون البنت مسؤولة عن نفسها ولا تستطيع تحمل أعباء الزواج النفسية والمعنوية والحياتية.
وأضافت مديرة جمعية إنصاف أن هذه الفتوى لا تستحق مناقشتها، مستغربة إصدار فتوى تجيز زواج الطفلة الصغيرة قبل المحيض، في الوقت الذي "نبذل فيه قصارى الجهود لمنع الزواج في بعض المناطق المغربية التي ما يزال فيها الزواج في السن التي تتراوح بين 15 و18 عاما لدى الفتاة".
وختمت نبيلة التبر قولها ضاحكة:"إذا كان لهذا الشيخ بنت في هذه السن التي يتحدث عنها فليبادر بتزويجها إذن..".
يذكر أن الشيخ المغراوي أحد أبرز مشايخ السلفية "التقليدية" بالمغرب وجاءت فتواه تحت عنوان "السن الشرعي للزواج"، يجيب فيها بصوته عن سؤال مفاده هل يمكن للفتاة الزواج قبل المحيض.