تجرى في النمسا الاحد انتخابات عامة مبكرة يتوقع فيها ان يحقق الجناح اليميني المتشدد مكاسب قوية.
وتأتي هذه التوقعات بعد اقل من عشرة اعوام على صعود التيار اليميني المتطرف، الذي تسبب في مقاطعة الاتحاد الاوروبي الدبلوماسية للنمسا.
وكان الائتلاف الحاكم بين حزب الشعب المحافظ والاشتراكيين الديموقراطيين (يسار الوسط) قد انهار عقب اشهر من المماحكات والشد والجذب السياسي.
وقد تسبب ذلك في تحول الصيف السياسي الى صيف ساخن تخللته حملات انتخابية تنافست فيها عشرة احزاب على مستوى البلاد، الى جانب تنافس تجمعات سياسية اصغر على مقاعد محلية.
وتشير آخر استطلاعات الرأي الى ان الحزبين الرئيسيين، حزب الشعب والاشتراكيين الديموقراطيين، ربما حققا نتائج متعادلة، وهو ما قد يعني ان ايا منهما لن يحظى باغلبية مطلقة تؤهله للحكم.
ويرى بعض المراقبين ان البديل سيكون ان الناخبين الساخطين من وضعية هذين الحزبين قد يلجأون الى اعطاء اصواتهم، احتجاجا، الى حزب الحرية اليميني، والتحالف من اجل مستقبل النمسا.
وهذان الحزبان تجمعان سياسيان شعبويان يرفعان شعارات معادية للمهاجرين الاجانب.
اي مكاسب يحققها التيار اليميني المتشدد ليست سوى تعبير عن سخط الناخب النمساوي من الحكم الحالي، وليست تحولا حقيقيا وجذريا في الميول الانتخابية
بيتر فيلزماير
نتائج سيئة
ويقول بيتر فيلزماير، المعلق السياسي المرموق في النمسا، ان ما هو مؤكد خسارة الحزبين الرئيسيين لاصوات في هذه الانتخابات، وربما سيسجلان اسوأ نتائج لهما منذ عام 1945، لصالح الحزبين اليمينيين.
ويصوت في هذه الانتخابات نحو 6,3 مليون ناخب نمساوي، لانتخاب 183 نائب في البرلمان.
ويتوقع مراقبون ان يضاعف حزب الحرية، بزعامة يورج هيدر، الذي حقق في انتخابات عام 2006 نحو اربعة في المئة، نصيبه في هذه الانتخابات.
كما يتوقع ان يحقق الحزبان الرئيسيان، حزب الشعب المحافظ والاشتراكيين الديموقراطيين، نحو 18 في المئة لكل منهما.
سخط وليس تحولا
ويقول فيلزماير ان اي مكاسب يحققها التيار اليميني المتشدد ليست سوى تعبير عن سخط الناخب النمساوي من الحكم الحالي، وليست تحولا حقيقيا وجذريا في الميول الانتخابية.
وكان هيدر قد هز الطبقة السياسية في النمسا عندما صوت له، في انتخابات عام 1999، نحو 27 في المئة من الناخبين النمساويين.
وقد تسبب دخول حزبه، حزب الحرية، في الائتلاف الحاكم، في مقاطعة دبلوماسية من الاتحاد الاوروبي للنمسا، لما نظر اليه في وقتها على انه صعود جديد لتيار معاداة السامية، وتزايد التعاطف مع سياسات هتلر النازية السابقة.
الا ان هيدر خفف منذ ذلك الوقت من شعاراته المتطرفة، وبدا اكثر اعتدالا.
معاداة المسلمين
لكن نظيره هاينز كريستيان ستراشه زعيم التحالف من اجل مستقبل النمسا، ليس بنفس درجة الاعتدال.
اذ يعتبر ستراشه ان لا مكان لمنارة المسجد في النمسا، اضافة الى رفعه شعارات اخرى معادية للمسلمين، واغلبهم من الاتراك والعرب والبوسنيين.
لكن مؤيديه يقولون انه ليس عنصريا، بل هو سياسي يعبر عن قلق ناخبيه من النمساويين العاديين.
ويرى محللون ان هناك سيناريوهين محتملين للخريطة السياسية المقبلة في النمسا، يتمثل الاول في ظهور ائتلاف ضعيف بين الحزبين الرئيسيين.
اما الثاني فهو ائتلاف حزب الشعب مع التيار اليميني بشقيه، ويرجح البعض ان تكون الغلبة للاحتمال الثاني.