تحقق للمرحوم أحمد ما كان يتمناه في حياته ويردده بأن لا يتجرع ويذوق مرارة فراق زوجته وشريكة حياته منى، التي فارقت الحياة قبل ايام من وفاته حسرة عليه لدخوله في غيبوبة تامة محققة بذلك دعاءها بأن يكون يومها قبل يومه.
عاش الزوجان اللذان انتقلا الى رحمة الله تعالى تباعا، حياة اسرية سعيدة فيما لم يذق اي منهما حسرة فراق الطرف الآخر كما كانت امانيهما بالحياة، ولكنهما تركا بعدهما ولديهما يتجرعان حسرة فراقهما.
كانت المرحومة دائمة الدعاء ان "يبقى زوجها بصحته وان لا يحيجه لها ولا حتى بشربة ماء" وقد تحقق لها ذلك، كما يقول ولدا المرحومين ان والدهما اصيب بجلطة قلبية ادخلته في غيبوبة تامة بقي بعدها اسيرا لأنابيب التنفس والتغذية الى ان فارق الحياة ولم يحتج ان تعطيه شربة ماء كما كانت تتمنى.
قلب الزوجة "منى" المرهف بالحب والحنو، لم تحتمل نبضاته رؤية جسد زوجها وهو مسجى على سريره في المستشفى دون حراك لتصيبها جلطة قلبية ادت الى وفاتها اثناء غيبوبة زوجها مانحة اياه فرصة عدم تجرع حسرة فراقها كما تمنى.
يتساءل ولدا المرحومين بعد ان فقدا والديهما عن معجزة القدر والصدفة التي حملت دعاء والدتهما الى الفراق الابدي عن والدهما الذي يرى في ذلك اختصاصي الطب النفسي الدكتور جمال الخطيب ان تحقق دعاء واماني الانسان في ذلك محض صدفة، ولا تفسير علميا لهذا الامر، فيما ان غالبية الناس لا يرغبون باللوعة وتجرع الم الفراق والحسرة لفقد الاحبة او فقدان الصحة والعافية وعدم القدرة على الحركة والعطاء وعيش الانسان عالة على الآخرين فيكثرون من الدعوات بأن لا يكون ثقيلا على احب وأقرب الناس اليه.
يفسر رئيس المركز الثقافي الاسلامي بالجامعة الاردنية الدكتور احمد العوايشة ان لصاحب الدعاء ان يتحقق له واحد من ثلاثة، بحسب الحديث الشريف، "اما ان يعطيه بمقدار ما سأل، او يدفع عنه السوء بمقدار ما سأل، او ان يدخر له ذلك يوم القيامة" مشيرا الى ان غالبية هذه الادعية تكون من قبل الآباء والامهات نظرا لحبهم الشديد لأبنائهم فيتمنون الموت قبلهم لأن حسرة الابناء عظيمة، حيث بشر الرسول عليه الصلاة والسلام الآباء والامهات المكلومين بأبنائهم بالجنة اذا صبروا، مبينا ان دعاء احد الزوجين للآخر بأن يفضله ويقدمه على نفسه في طول العمر امر من باب المداعبة او المحبة بين الزوجين.
ويحذر الدكتور العوايشة من تصرف البعض بالدعاء على انفسهم بالهلاك او تمني الموت حيث لا يجوز ان يدعو الانسان على نفسه الا بالخير ولا يجوز ان يدعو على نفسه بالشر او على ولده او ماله حيث لا يدري في اي ساعة تكون الاجابة مشيرا الى ان الانسان عليه ان يقول "اللهم اجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر.