دمشق-وكالات
فتحت القمة السورية الفرنسية التي عقدت الأربعاء 3-9-2008 في دمشق صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين مركزة على التعاون في حل الملف النووي الإيراني وفي المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب، وذلك وفقا للعديد من المحللين والمراقبين السياسيين.
وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد وصل عصر الأربعاء ألى دمشق في زيارة تستمر يومين هي الأولى منذ خمس سنوات لرئيس غربي إلى سوريا حيث أقيمت له مراسم استقبال رسمي، وقال ساركوزي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري "مع الرئيس الأسد نبني خطوة خطوة علاقة نريدها علاقة ثقة لطي صفحة الخلاف".
وكانت باريس جمدت في عهد رئيسها السابق جاك شيراك الاتصالات الرفيعة المستوى مع دمشق إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005, والاشارة باصابع الاتهام الى ضلوع سوريا فيه رغم نفي دمشق لذلك.
واشار الأسد إلى ان زيارته لباريس في تموز/يوليو الماضي والزيارة الحالية لساركوزي "أدتا إلى عودة العلاقات وخلقت جوا من الثقة وأسست لصداقة كانت موجودة واستعادت ألقها اليوم"، وأعرب الأسد عن سعادته "لعودة الدور الاوروبي الفاعل في قضايا الشرق الاوسط من خلال الديناميكية الفرنسية الجديدة", واصفا المباحثات بأنها "صريحة وبناءة" .
الأسد يعرف مدى تمسك الرأي العام الفرنسي باستقلال وسيادة لبنان وقد نفذ كل ما أعلنه في باريسوفي شأن الملف النووي الإيراني موضوع النزاع بين الغرب وطهران, أكد ساركوزي دور سوريا في حله بسبب علاقات "الثقة" بين البلدين مجددا تأكيد خطورة هذا الملف. وقال "كررت له (الأسد) موقف فرنسا أن إيران يجب ألا تحصل على السلاح النووي...لاأه تهديد للسلام في المنطقة والعالم", مشيرا إلى أن "الثقة بين سوريا وإيران ليست سرا.. ويمكن لسوريا في إطار احترام تحالفاتها التقليدية, المساهمة في السلام".
من ناحيته, حذر الأسد من خطورة اللجوء إلى وسائل غير الحوار لحل هذا الملف. وقال "سنتابع الحوار مع إيران وفرنسا ونتمنى أن نصل إلى نتيجة", مشددا على أن "حل الموضوع لا يكون إلا بالحوار والطرق السلمية". وقال "لا أحد في العالم يستطيع أن يتحمل نتائج حل غير سلمي لأنه سيكون كارثة".
وحول المفاوضات غير المباشرة التي تجري منذ أيار/مايو بين إسرائيل وسوريا عبر تركيا, أكد الأسد أنه طلب من فرنسا أداء دور فيها.
وقال "طلبنا الآن في هذه المرحلة من الرئيس ساركوزي دعم مرحلة المفاوضات غير المباشرة لأنها الطريق الوحيد التي تؤدي إلى المفاوضات المباشرة". وأعرب ساركوزي عن استعداد بلاده لأداء هذا الدور ملخصا دورها بأنه "الذي يطالبها الأطراف المعنيون بأدائه", ومضيفا "عندما يطلبونه نؤديه ".
كما طلب الأسد من ساركوزي رعاية المفاوضات المباشرة مع إسرائيل عندما يحين وقتها. وقال "الآن (المفاوضات غير المباشرة) نحن في مرحلة وضع الأساس, يعني بناء الثقة بين أطراف عملية السلام, ثم علينا تحديد الأسس والمرجعيات التي ستعتمد عليها المفاوضات المباشرة".
وأضاف "عندما تتهيأ هذه العناصر نستطيع أن ننتقل إلى المفاوضات المباشرة. هذه المرحلة بحاجة إلى وجود الولايات المتحدة مع أطراف آخرين مشاركين في رعاية عملية السلام. عندها نستطيع أن نقول إن رعاة السلام هم الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا واي بلد آخر يهتم بذلك".
وفيما يتعلق بالملف اللبناني, نوه ساركوزي بتنفيذ سوريا ما تعهدت به لجهة تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية والموافقة على التبادل الدبلوماسي.
وقال "الرئيس الأسد يعرف مدى تمسك الرأي العام الفرنسي باستقلال وسيادة لبنان وقد نفذ كل ما أعلنه في باريس", معربا عن أمله أن "يستمر هذا التطور الإيجابي". وأضاف "الأسد أعلن قرارات واحترمها, وفرنسا أخذت على نفسها التزامات وزيارتنا أحد هذه الالتزامات (...) هكذا نبني العلاقة الجيدة, نتفهم بعضنا لا نساوم ونبني الثقة".
وكان ساركوزي ربط انفتاحه على دمشق بتسهيلها انتخاب ميشال سليمان رئيسا للبنان إثر فراغ في سدة رئاسة الجمهورية استمر ستة أشهر وألقيت مسؤوليته على سوريا, الأمر الذي تم في 25 مايو/آيار الماضي. كما أعلن لبنان وسوريا في قمة لرئيسيهما في 13اغسطس/ آب الماضي إقامة علاقات دبلوماسية غابت منذ نشوء البلدين. وأكد ساركوزي أن النقاشات "كانت صريحة جدا".
وقال "لم نترك موضوعا إلا تطرقنا إليه من المحكمة الدولية (لمحاكمة الضالعين في اغتيال الحريري) وحقوق الإنسان ومواضيع أخرى, سواء كنا متفقين عليها او مختلفين بشأنها" من دون أن يعطي تفاصيل إضافية.
وفي المجال الاقتصادي, أعلن الرئيسان توقيع "مذكرات تفاهم". وقال ساركوزي "أشرت إلى أن حصة الشركات الفرنسية في الأسواق السورية انخفضت فيما ازدادت حصص دول اوروبية اخرى". واضاف "تكلمنا عن تمديد عقد شركة توتال (نفط) للسنوات العشر المقبلة وعن اشغال مهمة في مطار دمشق وعن مسألة المرافىء وعن قضية طائرات الايرباص والمقاطعة التي تتعرض لها سوريا بالنسبة الى قطع الغيار", في اشارة الى العقوبات الاميركية بحق سوريا.
ويشارك الاسد وساكوزي الخميس في قمة رباعية تجمعهما بامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان وتتمحور حول المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل ابيب.